مقاتلة من وحدات حماية الشعب الكردية على جبهات القتال في الرقة.  (أ. ف. ب)
مقاتلة من وحدات حماية الشعب الكردية على جبهات القتال في الرقة. (أ. ف. ب)
-A +A
عبدالله الغضوي (جدة)
خرج اجتماع رميلان في سورية الشهر الماضي العام 2016 بوثيقة العقد الاجتماعي لـ"الفيدرالية الديموقراطية" شمال سورية، وهي المناطق التي تسيطر عليها القوى الكردية ضمن نسيج معقد ومركب، من آشورييين وسريان وكرد وعرب وشيشان وشركس.

ومن خلال 81 مادة قانونية، أسس المجلس التأسيسي للفيدرالية الديموقراطية لشمال سورية، لمنظومة حكم متكاملة تنظم العلاقة بين هذه الشعوب على الأقاليم الثلاثة (عين العرب - كوباني، عفرين، الجزيرة). واللافت في العقد الاجتماعي التوجه لهدم الدولة القومية والعمل على نموذج سياسي جديد هو «الفيدرالية الديموقراطية».


بالرغم من الجهد المضني لصياغة "العقد الاجتماعي"، إلا أن ثمة مآخذ مازالت قائمة على هذا النظام، فبحسب تعريف النظام الفيدرالي هو شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا بين حكومة مركزية (أو حكومة فيدرالية أو اتحادية) ووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمدا أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة، لكن في "الفيدرالية الديمقراطية" ومن خلال قراءة الوثيقة السياسية لسورية المستقبل والعقد الاجتماعي وحتى البيان الختامي لاجتماع رميلان في 27 من ديسمبر الماضي، لم نقرأ أية كلمة عن العلاقة بالمركز، بل ركزت كل الوثائق على تنظيم العلاقة على هذه الأقاليم الثلاثة فقط حتى قوات سورية الديموقراطية لم يأت على مستقبل علاقتها مع القوى الأخرى إلا في حدود الدفاع عن مناطقها، ولعل هذا انعكاس للصراع السياسي بين المشروع الفيدرالي الديموقراطي وبين بقية القوى السياسية والعسكرية في سورية.

لقد ورد في الوثيقة السياسية، التي حصلت «عكاظ» على نسخة منها، أن الإقدام على مثل هذه الخطوة «الفيدرالية الديموقراطية»، جاء بعد أن محاولات مع القوى السياسية لصياغة منظومة جديدة تحكم سورية، إلا أنها قوبلت بالإقصاء على يد القوى السياسية الأخرى، خصوصا في الاجتماعات التي كانت تجري في جنيف وفيينا. وقد يبدو هذا للوهلة الأولى أنه رد انتقامي على ممارسات المعارضة، التي هي أصلا بلا إستراتيجية. لقد حمل العقد الاجتماعي للفيدرالية الديموقراطية تساؤلات عديدة، يضيق المكان لاستعراضها بالكامل، لكن أبرزها اعتبار القوات التركية في الشمال السوري احتلالا، لكن لم يأت على ذكر الميليشيات الإيرانية والروسية والأمريكية وغيرها من القوات الأخرى!؟

لا شك أن الأكراد هم المحرك الرئيسي لمشروع الفيدرالية الديموقراطية، وهم القوة الضاربة، لكن هذه المرة الرؤية الكردية لا تعتمد على الدولة القومية، إذ يرون فيها سبب الخراب والدمار الذي لحق بسورية من خلال سياسات البعث السابقة، لكن التحدي الأكبر التي تواجهه الفيدرالية الديموقراطية، هو رضا الأطراف المحلية والإقليمية ولعل هذا أحد عوامل استمرار الصراع في الشمال السوري.